اقتباس المشاركة 5431 من موضوع إلى كلّ مؤمنٍ بكتاب الله وسنّة رسوله الحقّ ..


- 2 -
الإمام المهدي ناصر محمد اليماني
05 - ربيع الأول - 1430 هـ
02 - 03 - 2009 مـ
08:32 مســاءً
( حسب التوقيت الرسمي لأمّ القرى )

[ لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان ]
https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=462
ـــــــــــــــــــــــ



يا عبد الرحمن اتّقِ الله ولا تُجادل بغير علمٍ ولا سلطانٍ فتتّبع أمر الشيطان ..


بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسَلين وآله الطيبين الطاهرين والتّابعين للحقّ إلى يوم الدّين، وبعد..

ويا عبد الرحمن، لا تُجادل في الله بغير علمٍ ولا سلطانٍ بيِّنٍ من القرآن، وأمّا سلطانك الذي تُجادل به فتقول بأنّ الأمر (قل هو الله أحد) وهو الأمر لا إله إلا الله وحده لا شريك له مَثَلُهُ كَمَثَلِ قول الله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف:22].

فهل هذا البيان لك يقبله العقل والمنطق؟! وفتواك تقول إنّ هذه الأقوال أمر من الله في القرآن: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} وإنّك لَمِن الخاطئين. وإنّما يخبرنا الله بأقوال المُتجادلين في عدد أصحاب الكهف، وقال الله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [الكهف].

ويا عبد الرحمن، إن كنت من الذين يتدبّرون القرآن فسوف تجد القول الحقّ لم يُقَلْ بعد في عهد محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وهو القول الأول: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ}، ولم يصف الله هذا القول برجمٍ بالغيب؛ بل وصف الأقوال التي قد قيلت من أهل الكتاب وهي: {وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا} صدق الله العظيم.

فعندما أقول: ويقول عبد الرحمن "السموات سبع والأرضون سبع" فهذا قول منك مضى وانقضى قلته من قبل. وأمّا عندما يقول الله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} صدق الله العظيم، فهذا قولٌ لا يزال في علم الغيب ولم يُقَلْ بعد ولم يصفه الله أنّه رَجمًا بالغيب بل وصف الأقوال الظنيّة التي قد قيلت من أهل الكتاب في عدد أصحاب الكهف ووصفها الله أنّها رجمٌ بالغيب بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئًا من أهل الكتاب، وأمر الله رسوله أن لا يستفتي في أصحاب الكهف من أهل الكتاب أحدًا. وذلك لأنّ أهل الباطل من أهل الكتاب لم يُحصوا عددهم ولم يحصوا لَبْثَهم ولم يعلموا قصتهم ولا أسماءهم ولم يعلموا الحكمة من بقائهم إلى أن يبعثهم الله في عصر المهديّ المنتظَر الناصر لما جاء به محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومن ثمّ بيَّن الله للمؤمنين الحكمة من بقاء أصحاب الكهف وهي ليعلم النّاس أيّ الحزبين أحصى بالحقّ لعددهم ولبثهم، فيعلم النّاس أنّ هذا هو حزب الله الحقّ الذي أحصى بالحقّ لعددهم وقصتهم ولبثهم وأسماءهم لِما لبثوا أمدًا، وقال الله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الكهف].

ويتكلم الله عن بعث أصحاب الكهف بعد انقضاء لبثهم الثاني، وذلك يحدث في عصر المهديّ المنتظَر لأنّ بعثهم من أحد أشراط السّاعة الكُبرى، وبيَّن الله لكم الحكمة من العثور عليهم من قبل، وذلك لكي يَبْنوا عليهم بُنيانًا حتى يأتي عصر الأشراط الكبرى للساعة في عصر المهديّ المنتظَر خليفة الله وإمام المسلمين ليعلم النّاس أيّ الحزبين أحصى عددهم ولبثهم، فيعلم النّاس إنّه الحزب الحقّ فيتّبعونه، وتلك الحكمة بيّنها الله في قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم.

وكذلك بيّن الله الحكمة من بقائهم ليكونوا من آيات التصديق للمهديّ المنتظَر في بيان الأشراط الكبرى للساعة ليعلم النّاس أنّ وعد الله حقّ وأنّ السّاعة آتية لا ريب فيها. ولذلك قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} صدق الله العظيم [الكهف:21].

ولربّما يودّ العالم الجليل الفطحول عبد الرحمن الذي يُجادل في آيات الله بغير علمٍ ولا هدًى أن يُقاطعني فيقول: "مهلًا مهلًا وإنّما يقصد الله بقوله: {وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} أي القوم الذين عثروا عليهم ليعلموا أنّ وعد الله حقّ وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ الحقّ الذي لا يقول على الله إلا الحقّ ناصر محمد اليماني وأقول: كلّا فإنّ القوم الذين أعثرهم الله عليهم لم تتبيّن لهم الحكمة من بقائهم نائمين وتنازعوا في قصتهم وشأنهم والحكمة من بقائهم، ولم تتّفق ظنونهم ولم يصِلوا إلى نتيجةٍ في قصتهم، ومن ثمّ ردّوا علمهم لله علّام الغيوب: {فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} صدق الله العظيم [الكهف:21].

وعلموا أنّه لا بدّ بأنّ لله حكمةً بالغةً من بقائهم نائمين، ولذلك قالوا: {ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ}، وقالوا: ابنوا عليهم بُنيانًا لإخفائهم وسِتارًا لهم حتى يبعثهم الله في العصر المُقدّر لبعثهم وهو أعلمُ بقصتهم وشأنهم والحكمة من بقائهم نائمين.

فتدبر القول الحقّ تجد أنّ الذين عثروا عليهم ليست الحكمة منهم إلا لكي يبنوا عليهم بُنيانًا لإخفائهم إلى انقضاء لبثهم الثاني وبعثهم في آخر الزمان، ليكونوا من آيات التصديق لحقيقة هذا القرآن العظيم، ويعلم النّاس أنّ وعد الله حقّ وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها، وقال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴿٢١﴾} صدق الله العظيم [الكهف].

وسوف تتبيّن لي حقيقتك يا عبد الرحمن، وأعلمُ علم اليقين أنّك قد جادلتني في أمورٍ أخرى من قبل باسمٍ آخر ولا مشكلة لدينا، المهم إنّ الباحث عن الحقّ سوف يجد أنّ ناصر محمد اليماني هو المهيمن عليك وعلى أمثالك بعِلمٍ وسلطانٍ واضحٍ وبيِّنٍ يأتي به من ذات القرآن وليس بالظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئًا كمثل عِلم عبد الرحمن الذي يصدُّ عن البيان الحقّ للقرآن بغير علمٍ.

وهل تعلم يا عبد الرحمن ما الحكمة من عدم ذكر أسماء الثلاثة الرُسل المجهولين في القصة إلى قريةٍ مجهولةٍ إلى قومٍ مجهولين في قول الله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴿١٣﴾ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴿١٤﴾ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿١٥﴾ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴿١٦﴾ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٧﴾ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿١٩﴾ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [يس]؟

والسؤال الذي يطرح نفسه للمُتدبِّر هو: لماذا لم يذكر الله أسماء الرسل الثلاثة في القصة؟ ومن هم القوم الذين أرسلهم الله إليهم فكفروا بهم فتوعّدوهم إن لم ينتهوا عمّا يدعون إليه ويعودون في ملّتهم ليرجمونهم ويمسّونهم بعذاب عظيم؟ {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم.

وهؤلاء تلقَّوا تهديدًا ووعيدًا من قومهم الذين أرادوا أن يمكروا بهم مما أجبرهم أن يختفوا في غارٍ كما اختفى فيه محمدٌ رسول الله وصاحبه أبو بكر الصديق - عليهم الصلاة والسلام - في الغار يوم أراد الكفار قتله أو تثبيطه عن دعوته، وكذلك الرُسل الثلاثة حين قرر قومهم رجمهم أو يعودوا في ملتهم ومن ثمّ قرروا أن يختفوا في الكهف حتى ينظر الله في أمرهم وهم لا يعلمون ماذا حدث لقومهم من بعدهم؛ بل نحن من سوف يخبرهم بالحقّ أنّه آمن بهم رجلٌ واحدٌ فقط وكان يكتم إيمانه حتى إذا علم بمكر الكفار أن سيرجموا رسل ربّهم أو يعيدوهم في ملتهم وعلم باختفاء الرسل الثلاثة الفارّين بدينهم ومن ثمّ استشاط غضبًا من قومه وجاء إلى بين أيديهم فوعظهم وشهد بالحقّ بين أيديهم وقال: {إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم.

وأمّا قومهم فأهلكهم الله أجمعين بعد أن قتلوا المؤمن برسُل الله فكتب الله له الشهادة وأدخله فور قتله جنتَه، وأمّا أصحاب القرية فأهلكهم الله أجمعين بصيحةٍ واحدةٍ من بعد قتلهم للرجل المؤمن وخَسَف بهم قريتهم ببنيانهم وهي على مقربةٍ من الكهف الذي علّمناكم به في اليمن في محافظة ذمار في قرية الأقمر، وأمّا الرسل الثلاثة الذين اختفوا من قومهم في فجوةٍ في الكهف فلا يزالون فيه لقضاء لبثهم الثاني، وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، وعُملَتهم لا تزال في جيوبهم يا عبد الرحمن، والكذب حباله قصيرة، وسوف يبعثهم الله قريبًا وإنما أردنا أن تطّلعوا عليهم لعلكم بآيات ربّكم توقنون.

ويا عبد الرحمن، إن للفتية رسولًا آمنوا به وصدّقوه وكذّبه قومهم، والفتية وزراء صدّيقون لنبي الله إلياس، ومثلهم كمثل موسى رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ووزيره أخوه هارون، ولا ينبغي أن تُنَزَّل ثلاث رسالاتٍ على ثلاثة رسلٍ إلى قريةٍ في وقتٍ واحدٍ، وإنّما هي رسالةٌ واحدةٌ أنزلها الله على إلياس وشَدَدَ الله أزره بأخيه إدريس وابتعثهم الله كما ابتعث موسى ووزيره هارون، برغم أنّ الله لم يُكلِّم هارون ولم يُنَزِّل عليه رسالة التّوراة بل أنزلها الله على موسى وهو حامل الرسالة ووعده الله ليشدد أزره بأخيه هارون وزيرًا فيجعله من الصدّيقين بأمره، وتجد أنّ الله لم يُفَرِّق بين موسى وهارون وأسْمَاهما بالمُرسَلين، لأنّه جعله يُصَدِّقُ أخاه موسى وشدَّ به أزره وأشركه في أمره، وقال الله تعالى: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].

وكذلك الرسل الثلاثة إنّما أنزل الله الرسالة على أحدهم وهو إلياس وأمّا الفتية فهم الوزراء الذين صدّقوا أخاهم إلياس وشدَّ الله بهم أزره وأشركهم في أمره، وهو قائدهم، وهو الذي قال لهم بعد انقضاء اللبث الأول: كم لبثتم؟ وهو الذي قال: الله أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة، وحذّرهم: "إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم". والمُتكلم هو رسول الله إلياس عليه الصلاة والسلام الذي تجده يخاطب الفتية، فلا تُمارِ فيهم يا عبد الرحمن، فسوف تعلم نبأهم ويكلمونكم بأنفسهم ويشهدون بالحقّ بالبيان الحقّ في شأنهم مِمَّن آتاه الله علم الكتاب، وما دام الله آتاني علم الكتاب فكيف لا يأتيني بعلم أصحاب الكهف وهم من ضمن علوم الكتاب القرآن العظيم؟!

وقد علمتم بصاحب علم الكتاب خليفة الله المهديّ الذي يبتعثه الله بالبيان الحقّ للقرآن العظيم الذي أنزله الله على خاتم الأنبياء والمُرسَلين محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإن كفرتم بالقرآن أنتم والنّاس أجمعين فكفى بالله شهيدًا على حقيقة هذا القرآن وخليفته الإمام المهديّ الذي يؤتيه الله علم الكتاب ليُبيّن للنّاس حقائق بالقرآن العظيم بالآفاق كمثل كوكب النّار والأراضين السبع، وفي أنفسهم كأمثال أصحاب الكهف آيات لهم من أنفسهم عجبًا حتى يتبيّن لهم أنّه الحقّ من ربّهم، وإنّما أخاطبكم بكتاب الله وأفتيكم أنّ الله آتاني علم الكتاب. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الرعد].

وبما أنّي أفتيكم أنّ الله آتاني علم الكتاب شاهدًا بالحقّ في القرآن العظيم فلا بُدّ أن أبيّن لكم ما لم تكونوا تعلمون يا معشر جميع علماء المسلمين، فأبيّن لكم ما يلي:

1 - حقيقة أصحاب الكهف والرقيم وأسمائهم ولبثهم وعددهم وقصتهم، وماذا حدث لقومهم من بعدهم، وكم زمن لبثهم الأول وكم زمن لبثهم الثاني، وعن سبب الفرار لمن اطّلع عليهم أنّه من ضخامة أجسادهم العملاقة التي سوف يراها من أعثره الله عليهم فيّولي منهم فرارًا ويمتلئ منهم رُعبًا، وذلك من ضخامة أجسامهم وطولهم فلم يرَ الناظر إليهم قطّ بشرًا مثلهم، ولذلك يولّي منهم فرارًا ويمتلئ منهم رُعبًا، ثمّ تطّلعون عليهم أو يبعثهم الله فترون الحقّ على الواقع الحقيقي.

2 - كذلك أبيّن لكم حقيقة الأراضين السبع، وأثبت من محكم القرآن أنّهُنّ من بعد أرضكم، وكذلك تجدون الحقّ على الواقع الحقيقي بأنّ الأراضين السبع حقًّا من بعد أرضكم وأسفلهنّ أرضٌ تحمل نار جهنّم الكبرى، ومن ثمّ تجدون الحقّ على الواقع الحقيقي.

3 - وكذلك أبيِّن لكم الأرض ذات المشرقين جنّة الفتنة التي يسكنها المسيح الدجال وجنوده من يأجوجٍ ومأجوجٍ وقومٌ آخرون يفصل بينهم سدّ ذي القرنين العظيم.

4 - وكذلك أبيِّن لكم حقيقة المسيح الدجال، ومن هو، ولماذا يسمّى بالمسيح الدجال، وحقيقة جنوده من يأجوج ومأجوج حتى أُفشِل فتنتهم ومكرهم وأعلّمكم ما لم تكونوا تعلمون.

5 - وأحذّر طائفة من أهل الكتاب الذين علموا علم اليقين أنّ الإمام المهديّ المنتظَر هو حقًّا ناصر محمد اليماني ومن ثمّ يُعرِضون عن الحقّ من ربّهم ويحاولون أن يصدّوا النّاس عن الحقّ من ربّهم، فإنّ الله يلعنهم كما لعن أصحاب السبت ويقول لهم كونوا خنازيرَ خاسِئين كما فُعل بالذين من قبلهم وقال لهم كونوا قردةً خاسئين، فأمّا المسخ إلى قردةٍ فقد مضى وانقضى. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴿٦٥﴾} صدق الله العظيم [البقرة]، وأمّا المسخ إلى خنازير فإنّه يحدث في عصر المهديّ المنتظَر الذي جاء بالتحذير الأخير لأهل الكتاب. تصديقًا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا ﴿٤٧﴾} صدق الله العظيم [النساء].

فأمّا المسخ فهو لشياطينٍ من شياطين البشر من اليهود من الذين يقولون آمَنّا ظاهر الأمر وهم يبطنون الكفر والتصدية عن الحقّ من ربّهم بعد أن تبيّن لهم أنّ ناصر محمد اليماني هو الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم الذي ابتعثه الله بالبيان الحقّ للذكر، ثمّ يعلمون علم اليقين أنّه الحقّ من ربّهم ثمّ لا يتخذون سبيل الحقّ سبيلًا، ويأتون إلينا مُظهرين الإيمان بالله وبالقرآن العظيم ثمّ يصدّون عن الحقّ من ربّهم صدودًا شديدًا بالمُغالطة والخداع في البيان الحقّ ليشكِّكوا المسلمين فيه والباحثين عن الحقيقة ولا يُظهرون الكفر بل الإيمان ويبطنون الكفر والمكر، وأحذّرهم أن يمسخهم الله إلى خنازير، ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، وقال الله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّـهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّـهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴿٦٠﴾ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ۚ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ ﴿٦١﴾} صدق الله العظيم [المائدة].

أولئك من الذين يُظهرون الإيمان ويُبطنون الكفر والمكر ضدّ الله ورسوله والمهديّ المنتظَر وهم يعلمون أنفسهم، ونُحذّرهم أن يمسخهم الله إلى خنازير كما فعل بالذين من قبلهم وقال لهم كونوا قردةً خاسئين، قد أعذر من أنذر.. وسلامٌ على المُرسَلين والحمدُ لله ربّ العالمين.

الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
____________
اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..