شهادة عبيد النعيم الأعظم الحق الذين أتخذوا عند الرحمن عهدا .. أي فضل خسره المعرضون عن الحق فوالله إن أعظم فضل في الكتاب بأن تحب الله ويحبك ويسقط في نظرك كافة ملكوت الدنيا والأخرة ..


(اقتباس)

وأُقسِم بذات الله العَظيم وبجميع أسمائه الحُسنى وصِفاته العُلى لن أرضَى بنعيم جَنَّاته التي هي ذات الفَوز العظيم مِن مَلكوت الدُّنيا حتى يرضَى رَبّي أحَبّ شَيءٍ إلى نفسي لا مُتحَسِرًا ولا حَزينًا، فلا أستطيع مُواصلة الحياة الآخرة في جَنَّات النَّعيم، فلا ولَن أفرح بِها وقد عَلَّمنا خليفة الله المهديّ ناصر محمد اليمانيّ عَن حال الله في مُحكَم كتابه مُنذ أمَدٍ بعيدٍ؛ مُنذ أن أهلَك الله الأُمَم الأُولَى بسبب إعراضهم عن داعيَ الحَقّ مِن رَبِّهم على لِسان رُسله فيُهِلكَهم مِن غَير ظُلمٍ، فأمَّا حالهم مِن بَعد هلاكهم فقد عَلَّمنا الله أرحَم الرَّاحمين بحالِهم مِن خلال نِداء الله لعِباده إلى الذين ظَلموا أنفسهم - فكونه الله أرحَم الراحمين - أن لا يستيئِسوا مِن رَحمَةِ الله، وأن يُنيبوا إلى رَبِّهم لِيَهدي قلوبهم قَبل أن يقول كُلٌّ مِنهم ما جاء مِن أخبارِهم في قول الله تعالى: {۞ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ‎﴿٥٣﴾‏ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ‎﴿٥٤﴾‏ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ‎﴿٥٥﴾‏ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ‎﴿٥٦﴾‏}‏صدق الله العظيم [سورة الزمر].

فَلَكَم قُضي الأمْر على كَثيرٍ مِن الأُمَم الَّذين أهلكهم الله على الحال مِن غَير ظُلمٍ مِن الله سُبحانه، ولَكِن الطامَّة الكُبرى هو حال الله في نفسه مِن بَعد هلاكهم يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ‎﴿٣٠﴾‏ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ‎﴿٣١﴾‏ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ‎﴿٣٢﴾‏} صدق الله العظيم [سورة يس]، فهُنا تَذْرِفُ دُموعُ القَلب مُخاطِبَةً الربّ: "لماذا خلقتَنا يا أرحَم الرَّاحمين؟! فما الفائدة مِن مَلكوتك أجمعين وهذا حالك مُتحَسِّرًا وحَزينًا؛ رغم فتواك عن برائتك مِن ظُلم عِبادك في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ‎﴿٤٤﴾‏} صدق الله العظيم [سورة يونس]، وبِما أنَّكَ أرحَم الراحمين؛ فلا مَثيل يُوازي صِفة رحمتك في نفسك، فرغم أنَّك لم تَظلِم النَّاس شَيئًا ورغم ذلك تقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ‎﴿٣٠﴾‏ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ‎﴿٣١﴾‏ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ‎﴿٣٢﴾‏ } [سورة يس]."

فهُنا تَسقُطُ الغَيرة على الخلافة الشَّامِلة، وهنا يسقُط كافَّة التَّكريم والكَرامات وجميع خوارق المُعجِزات، وهنا تَسقُط الغَيرة مِن حَملَةِ العَرْش الثَّمانية لِقُربِهم مِن الذَّات الإلهيِّة بِالمَلإ الأعلى ومَن حولهم المُسَبِّحين بِحَمد رَبّهم غير أنّهم لا يعلمون بِما في نفس ربهم. فَفي الوَقفة في هذا المَوضِع يتدَمَّر مَلكوت الله تَدميرًا في نَظَر قَومٍ يُحِبُّهم الله ويُحبُّونه، وأقسم بِما أعلمه ويَعلمون أنَّهم شَديدو المحال أن يرضوا بالكَرامات وكافَّة المُعجِزات الخارِقة لا في الدُّنيا ولا في الآخرة حتى تتحقَّق الحِكمة مِن خلقهم؛ فيرضى أحَبَّ شَيءٍ إلى أنفسهم مِن المُعجِزات وكافَّة آياته الخارِقة في ملكوت الدُّنيا والآخِرة.


الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
18 - جمادى الأول - 1444 هـ
12 - 12 - 2022 مـ
04:59 صباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأم القُرى)


======== اقتباس =========